مُنْتَدَيَآتْ رَوْعَةْ آلإحْسَآسْ ~
اهلا وسهلا بك زائرنا الكريم.هذه الرسالة توضح انك غير مشترك في هذا المنتدى لهذا سنتشرف بك عضوا جديدا معنا
مُنْتَدَيَآتْ رَوْعَةْ آلإحْسَآسْ ~
اهلا وسهلا بك زائرنا الكريم.هذه الرسالة توضح انك غير مشترك في هذا المنتدى لهذا سنتشرف بك عضوا جديدا معنا
مُنْتَدَيَآتْ رَوْعَةْ آلإحْسَآسْ ~
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مُنْتَدَيَآتْ رَوْعَةْ آلإحْسَآسْ ~

مُنْتَدَيَآتْ رَوْعَةْ آلإحْسَآسْ ~
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 قصص عربية - روايات عربية - قصص عربيه

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
basma
مديرة
basma


الأوسمه : وسام الاداري المميز يمنح للاداري المميز
MMS : mms-12
المزاج : حزين
الدولة : المغرب
عدد المساهمات : 123
تاريخ التسجيل : 14/06/2010
العمر : 28

قصص عربية - روايات عربية - قصص عربيه  Empty
مُساهمةموضوع: قصص عربية - روايات عربية - قصص عربيه    قصص عربية - روايات عربية - قصص عربيه  I_icon_minitimeالسبت أغسطس 20, 2011 11:51 am

قصص عربية - روايات عربية - قصص عربيه



الصديق الوفى -اوسكار وايلد




في يومٍ من الأيام، وذات صباحٍ مشرق، كان فأر الماء
العجوز عند البحيرة. وَخَط الشيب ما تجعّد من ذقنه وشاربه، أما ذيله فكان
أشبه بقطعةٍ طويلة من المطاط. أخرج رأسه من جحره، فبدت عيناه الصغيرتان،
تبرقان بوميض الرغبة والطمع. وفي البحيرة، كانت البطات الصغيرات تسبح خلف
أمهنّ، يكسوهنّ لونٌ أصفر غدَين به كسربٍ من طيور الكناري. أما الأم ناصعة
البياض ذات الساقين الحمراوين، فكانت تجهد في تعليمهن كيف يقفن على رؤوسهن
في الماء، فأنشأت تقول: "لن تصبحنَ في أفضل مجتمعٍ ما لم تتعلمن كيف تقفن
على رؤوسكن". أما البطات فكنّ يُدخلن كلام الأم من أذنٍ ويخرجنه من الأخرى،
حيث كان يصعب على من في عمرهن إدراك معنى المجتمع.
وعند رؤيته ذلك صاح الفأر: "ما أعقّكنّ ! لئن تَغْرَقنَ لعصيانكنّ هذا خيرٌ
لكنّ مما أنتنّ فيه". فقاطعته الأم:"مَه، لا تَدْعُ عليهنّ بذلك. جميعنا
بحاجةٍ إلى وقتٍ للتعلم، ولا ينبغي لنا نحن الأمهات والآباء أن نملّ الصبر
أبداً"، فردّ الفأر بتأفف: " لا أعترف بمشاعر الآباء والأمهات، فلستُ رجلاً
أسرياً. لم تكن لي زوجة ولن تكون. الحب شيءٌ جميل، ولكن الصداقة أسمى
بكثير. لا يوجد بكل تأكيد ما هو أسمى ولا أنفس من صديقٍ وفيّ". سأله عصفورٌ
تفاحيّ أخضر تناهى إلى مسامعه ذلك الحديث: " وما واجبات الصديق الوفي يا
ترى في رأيك؟". قالت الأم: " هذا بالضبط ما أرغب في معرفته". ثم سبحت إلى
آخر البحيرة ووقفت على رأسها لتكمل تعليم أطفالها. رد فأر الماء: " يا له
من سؤالٍ سخيف! بالطبع أتوقع من صديقي الوفي أن يكون وفياً لي". فسأله طيرٌ
كان يرفرف بجناحيه: " وماذا تقدّم له أنت في المقابل؟". أجاب الفأر: " لم
أفهم ما تعنيه"، فقال التفاحي: " دعني أحكي لك حكايةً عن الصداقة الوفية"،
فقاطعه الفأر: " وهل الحكاية عني؟ إن كانت كذلك سأسمعها، فأنا أحب القصص".
أجابه التفاحي: " الحكاية تنطبق عليك"، ثم طار وحطّ على ضفة البحيرة ليقصّ
حكاية الصديق الوفي.
"كان يا ما كان في قديم وحاضر الزمان رجلٌ
طيب القلب صبوح الوجه يُدعى هانز" فقاطعه الفأر: " هل كان مشهوراً؟" أجاب
التفاحي: " كلا، لم يكن مشهوراً البتة. كان يقطن في كوخٍ صغير في قلب
حديقته، التي لم تكن هناك حديقةٌ تناهزها جمالاً ورونقاً. تلك الحديقة التي
تسكنها قوافل الفلّ والياسمين والريحان والورد المحمدي والليلك والأقحوان،
تتفتح في مواعيدها مع تتابع فصول السنة، فلا تكاد تُقطف زهرة أو وردة، إلا
وشبّت مكانها أخرى. كان في تلك الحديقة دوماً ما يسرّ الناظرين ويزكي
الأنوف.
كانت لهانز صداقات عديدة، إلا أن أقرب صديقٍ له كان الطحان. كان إخلاص
ووفاء الطحان لهانز واضحاً كالشمس لا تشوبه شائبة، لدرجة أنه ما مرّ أبداً
على حديقة هانز دون أن يكلّف نفسه اقتطاف بعض الزهور، أو ملء جيوبه بالكرز
والخوخ إن آتى أُكُله. كان يردد دائماً: " على الأصدقاء الحقيقيين أن
يتشاركوا في كل شيء" فيومئ هانز برأسه موافقاً، مؤكداً ذلك بابتسامةٍ
عريضة، وفخرٍ عميق بأن له صديق يملك أفكاراً كتلك.
بين فترةٍ وأخرى، كان الأهالي يستغربون كيف أن الطحان لا يقدم لهانز شيئاً
في المقابل، كدليلٍ على الإخلاص والوفاء، رغم امتلاكه لمخزونٍ هائلٍ من
القمح، وست بقراتٍ سمانٍ، وقطيعٍ من الخراف. أما هانز فلم يكن يلقي لكل ذلك
اعتباراً، واكتفى بالاستمتاع لحديث الطحان عن نكران الذات والصداقة الحقة.
كانت السعادة تغمر هانز وهو يعمل في حديقته مع تتابع فصول الربيع والصيف
والخريف، إلى أن يحل الشتاء فلا يجد ما يبيعه من زهورٍ أو ثمار، فيتضور
جوعاً وبرداً، لا يجد ما يتعشى به غير حباتٍ من الأجاص وقليلٍ من المكسرات.
وما كان يزيده هماً على همّ وحدته القاتلة؛ فلم يكن الطحان يزوره في
الشتاء أبداً.
كان الطحان يقول لزوجته: " ليست هناك أية فائدة من زيارة هانز في هذا
الشتاء القاسي، فالمرء عندما تعتريه ألوان الكدر يجب تركه لوحده وعدم
إزعاجه بالزيارات. هذا هو مبدأي المتواضع في الصداقة، وأظنني على حق.
سأنتظر حتى يُقبل الربيع ثم أعرج على هانز، وبالتأكيد سيسعده كثيراً أن
يمنحني سلةً كبيرة من الزهور". أجابته زوجته تتربع على مقعد وثير قبالة
المدفأة: " كم تفكر في غيرك يا عزيزي، وإنها لسعادة بالغة أن أجلس وأستمع
إلى حديثك الرائع هذا. حتى الواعظين لا يجيدون الحديث مثلك". سأل ابن
الطحان الأصغر أباه: " ولكن لماذا لا ندعو العم هانز إلى بيتنا؟ إن كان في
ضيقٍ فسأعطيه نصف عصيدتي، وأريه أرانبي البيضاء الجميلة"، فصاح فيه أبوه: "
بئس الولد أنت. لا أعرف ما فائدة ذهابك إلى المدرسة، فيبدو أنك لا تتعلم
شيئاً. إن أتى هانز إلى هنا ورأى المدفأة وعشاءنا اللذيذ، فقد يتنامى حسده،
والحسد أصل الشر يتفشى في الإنسان فيدمره. لن أسمح لأي شيءٍ أن يدمر صديقي
هانز، فأنا صديقه الحميم ويجب أن أحرص عليه وأبقيه بعيداً عن أية مغريات.
وفوق ذلك، إن أتى هانز إلى هنا، فقد يسألني أن أقرضه قليلاً من القمح الذي
أملكه، ولا يمكنني بالطبع فعل ذلك. الصداقة شيء والقمح شيءٌ آخر، لا يجب
الخلط بينهما". قالت زوجته وهي ترشف من كأسها: " كم هو قيّم وبليغ حديثك،
يشعرني بالنعاس وكأنني في خطبةٍ دينية ". ردّ زوجها: " الجميع يجيد العمل،
ولكن قليلاً من الناس يجيد الكلام، مما يوضح كيف أن الكلام أصعب كثيراً من
العمل، وأنقى وأجود" ثم نظر بحدةٍ إلى ابنه الأصغر الذي احمرّت وجنتاه
خجلاً مما اقترف في حق نفسه، فأطرق رأسه وهمّ بالبكاء في كوب شايه. ولكن لا
تنسوا أنه ولدٌ صغير نجد له العذر.
سأل فأر الماء: " هل هذه النهاية؟" فأجابه التفاحي: " كلا بالطبع، فهذه هي
البداية". قال الفأر: " إذن فأسلوبك قد عفا عليه الدهر. القاصون الجيدون
يبدأون بنهاية القصة ثم بدايتها ثم منتصفها. هذا هو الاسلوب الحديث. لقد
سمعتُ هذا ذات يومٍ من ناقدٍ كان يمشي بقرب البحيرة مع شابٍ صغير. كان يسهب
في الحديث، وأجدني واثقاً من صحة كلامه، فقد كانت له نظارتان ورأسٌ أصلع.
وكان كلما علّق الشاب الصغير على شيءٍ،هز رأسه وقال بازرداء: " أُف". ولكن
ما علينا. أكمل حكايتك، فأنا معجبٌ بالطحان، لأن هناك ما يجمع بيننا من
مشاعر جميلة".
قال التفاحي وهو ينطّ على قدمٍ واحدة ثم على الأخرى: " وحالما أقبل الربيع،
وكشفت الزهور عن أنجمها الذهبية، أخبر الطحان زوجته أنه ذاهب لزيارة هانز.
صاحت الزوجة: " يا سلام. يا له من قلب كبير بين أضلعك. أنت دائماً تفكر في
غيرك. خذ هذه السلة الكبيرة حتى تملأها بالزهور".
وهكذا ربط الطحان أشرعة طاحونته بسلسلةٍ حديدية وذهب إلى زيارة هانز حاملاً السلة الكبيرة في يده.
- صباح الخير يا هانز.
رد هانز وهو متكئ على محراثه، مبتسماً ملء شدقيه: " صباح النور".
- كيف أمضيت الشتاء؟
- من لطفك أن تسأل عن أحوالي. في الحقيقة كان فصلاً عصيباً، ولكن الربيع قد أقبل وأجد في زهوري المتفتحة أكبر عزاء.
- كنا نذكرك دائماً طوال الشتاء ونتساءل عن أحوالك.
- هذا لطفٌ منكم، ولكنني خشيتُ أنك قد نسيتني.
- هانز! عجباً لما تقول، كيف ينسى الأصدقاء بعضهم؟ أجمل ما في الصداقة أن
الأصدقاء لا ينسون بعضهم أبداً. أخشى أنك لا تفهم شاعرية الحياة يا هانز...
يا لها من زهورٍ جميلة.
- نعم هي جميلة، ومن حسن حظي أنني أملك الكثير منها. سوف أبيعها في السوق وأسترد عجلتي التي أستعين بها في أعمال الزراعة.
- تسترد عجلتك؟ لا تقل بأنك قد بعتها. أحمقٌ إن فعلت ذلك.
- في الحقيقة، كنت مضطراً لذلك. لقد كان الشتاء قاسيا جداً ولم أملك أي
نقودٍ لأشتري خبزاً. وهكذا بعتُ أزرار الفضة من معطفي الذي أرتديه يوم
الأحد للكنيسة، وبعدها بعتُ سلسلتي الفضية، ثم برميلي الكبير، وأخيراً
عجلتي. ولكنني سأستردها جميعاً الآن.
- عزيزي هانز. سأمنحك عجلتي. صحيح أن جانبها محطّم، وهناك عيبٌ في شعاع
الدولاب، ولكنني سأعطيك إياها. أعرف أن هذا كرم بالغ مني، وقد يجدني
الكثيرون مغفلاً حين أفعل ذلك، ولكنني لستُ كبقية الناس. أرى أن الكرم هو
جوهر الصداقة. وفوق هذا وذاك، فقد اشتريتُ عجلةً جديدة. نعم يا عزيزي،
فلتقرّ عينك، سوف أعطيك عجلتي.
تألق وجه هانز سعادةً وقال: " إنك تخجلني بجودك. أستطيع إصلاح العجلة
بسهولة، فلديّ لوح خشبٍ في منزلي". تهلل وجه الطحان وقال: " لوح خشب؟ هذا
بالضبط ما كنت أحتاج إليه. هناك فجوة كبيرة في سقف مخزن الذرة لدي، ولئن
تركتها غدا محصول الذرة كله رطباً. من حسن الحظ أنك ذكرت لي ذلك. يا له من
أمر عجيب أن يجرّ العمل الصالح أخيه! لقد أعطيتك عجلتي، والآن أنت ستعطيني
لوح الخشب. العجلة بالطبع أغلى ثمناً، ولكن الصداقة الحقيقية لا تنظر إلى
هذه التوافه. أحضر اللوح حالاً وسوف أشرع بسدّ الفجوة اليوم".
جرى هانز مسرعاً وأحضر اللوح، فقال الطحان حال رؤيته: " ليس لوحاً كبيراً،
وأخشى ألا يبقى منه ما تستطيع به إصلاح العجلة بعد أن أصلح سقف المخزن.
ولكن بالطبع هذه ليست مشكلتي. والآن وبعد أن أعطيتك عجلتي، لا أظنك تبخل
عليّ ببعض الزهور. هاك السلة املأها لي".
قال هانز بأسى: " أملأها؟" فقد كانت سلة كبيرة جداً، وكان يعلم أنه إن
ملأها لن يتبقى لديه ما يبيعه في السوق، في الوقت الذي يتشوق فيه لاسترداد
أزراره الفضية. فقال الطحان: " في الواقع، وبعد أن أعطيتك عجلتي، لا أعتقد
أنني أطلب الكثير. قد أكون مخطئاً، ولكنني أعتقد بأن الصداقة الحقيقية لا
تشوبها أية شائبة من الأنانية".
فصاح هانز: " صديقي العزيز، يا أعز أصدقائي. فدتك كل زهوري. سوف أكسب حكمتك بدلاً من أزراري الفضية". ثم هرع وملأ السلة بكل زهوره.
بعدها ودّع الطحان هانز، وذهب إلى بيته حاملاً لوح الخشب على كتفه والسلة
الكبيرة في يده. أما هانز فجعل يحرث بفرحٍ شديد لحصوله على عجلة بدلاً من
عجلته التي باعها.
في اليوم التالي كان هانز يثبت بمسمارٍ بعض زهور العسل على سقف مدخل كوخه،
عندما سمع صوت الطحان يناديه من الشارع. قفز من على السلم وجرى إلى حيث
الطحان، الذي كان واقفاً ومعه كيس كبير من القمح. قال الطحان: " عزيزي
هانز، ألا تحمل لي هذا الكيس إلى السوق؟".
أجاب هانز: " إنني جد آسف، فأنا مشغول حقاً اليوم. هناك العديد من النباتات لأعلقها، والكثير من الزهور لأسقيها، والعشب لأجرفه".
قال الطحان: " أعتقد، وباعتبار أنني سأعطيك عجلتي، أنه من الفظاظة أن ترفض".
صاح هانز: " لا تقل ذلك أرجوك. لن أسمح لنفسي أبداً أن أكون فظاً مع أي إنسان"، فهرع وجلب قبعته ثم حمل الكيس على كتفيه.
كانت الشمس حارقة، والجو يعلوه غبارٌ كثيف. وقبل أن يتمّ هانز نصف المشوار
كان قد أنهكه التعب، فجلس ليرتاح، إلا أنه أكمل مشواره بإصرار وكفاح. وصل
أخيراً إلى السوق، وبعد أن انتظر هناك لبعض الوقت، باع كيس القمح لقاء
مبلغٍ كبير، ثم عاد أدراجه إلى بيته على الفور، فقد كان يخشى أن يعترضه بعض
اللصوص إن تأخر. قال يحدث نفسه: "لقد كان يوماً شاقاً، ولكنني سعيد لأنني
لم أرفض طلب الطحان، فهو صديقي العزيز. وإلى جانب ذلك، سيعطيني عجلته".
في الصباح التالي قَدِمَ الطحان ليأخذ نقوده، إلا أن هانز كان متعباً جداً
وما يزال نائماً. قال له الطحان: " يا لك من رجلٍ كسول. باعتبار أنني
سأعطيك عجلتي، يجب أن تعمل بنشاط. الكسل خطيئة عظيمة، ولا أحب لأصدقائي أن
يرتكبوا هذه الخطيئة. يجب ألا تتضايق إن حدثتك بصراحةٍ شديدة هكذا. لم أكن
لأفعل إن لم أكن صديقك. وما نفع الصداقة إن لم يستطع المرء قول ما بداخله
بصراحة؟ يستطيع أي أحدٍ صياغة كلامٍ معسول يتملق به، ولكن الصديق الحقيقي
دائماً ما يقول أشياء غير مرضية، ولا يمانع أن يؤذي صديقه بكلامه. وإن كان
صديقاً حقيقياً، سيفضّل ذلك، لأنه يعلم أن ما يفعله خير".
جعل هانز يفرك عينيه، ثم التقط قبعته وقال: " أنا آسف، ولكنني كنت متعباً
جداً، ففكرت أن أستلقي قليلاً على الفراش، وأستمع إلى تغريد الطيور. هل
تعرف أنني أعمل بشكلٍ أفضل بعد الاستماع إلى تغريد الطيور؟".
قال الطحان وهو يصفق بيديه على ظهر هانز: " يسعدني ذلك. أريدك أن تأتي معي
حالما ترتدي ملابسك وتصلح لي سقف المخزن". كان المسكين هانز يتوق لأن يعمل
في حديقته، فزهوره لم تُسقى ليومين. ولكنه لم يرغب في أن يرفض طلب الطحان،
صديقه العزيز. فسأل بصوتٍ خجول:" أأكون فظاً إن قلت بأنني مشغول اليوم؟"
- في الحقيقة، لا أعتقد أنني أطلب الكثير، باعتبار أنني سأعطيك عجلتي، ولكن إن رفضت سأصلح السقف بنفسي.
قفز هانز من على فراشه وصاح: " لا، سوف أصلحه حباً وكرامة"، وارتدى ملابسه وذهب ليصلح سقف المخزن.
أخذ هانز يعمل هناك طول النهار، حتى مغيب الشمس، عندما أتى الطحان ليرى كيف تسير الأمور.
- هل سددت الفجوة يا هانز؟
- نعم
- يا سلام، لا يوجد عملٌ أحلى من العمل للآخرين.
- إنه لشرف أن أستمع إلى حديثك. ولكنني أخشى أنني لن أمتلك مثل هذه الأفكار الرائعة ذات يوم.
- يا رجل، سوف تأتيك هذه الأفكار، ولكن الآن يجب أن تكافح. أنت في المرحلة العملية في الصداقة، بعدها سوف ترقى إلى المستوى النظري.
- أوتظن ذلك؟
- بكل تأكيد. والآن وبعد أن أصلحت السقف، يجدر بك الذهاب لبيتك لترتاح قليلاً، فأنا أريدك أن ترعى خرافي إلى الجبل في الغد.
لم يستطع هانز المسكين أن يردّ، وفي صباح اليوم التالي جلب الطحان خرافه
إلى كوخ هانز، فأخذهم الأخير إلى الجبل. استغرق القطيع النهار كله ليروح
ويغدو، وعندما عاد هانز لم يقوَ إلاعلى الغرق في كرسيه والنوم فوقه إلى
الصباح التالي. وعندما استيقظ قال يحدث نفسه بفرح: " سوف أقضي وقتاً رائعاً
في حديقتي اليوم" وشرع من فوره في العمل.
ولكن هانز المكسين لم يستطع أبداً الاعتناء بزهوره، فقد كان صديقه الطحان
يأتي بين الفينة والأخرى ليرسله في مهام بعيدة، أو يطلب منه مساعدته في
حقله. ولقد تملكه كربٌ شديد، حيث كان يخشى أن تظن زهوره بأنه قد نسيَها،
ولكنه عزّى نفسه بأن الطحان كان صديقه العزيز. كان دائماً يردد بينه وبين
نفسه: " سوف يعطيني عجلته، وهذا منتهى الكرم".
وهكذا استمر هانز في العمل للطحان بين الحين والآخر، بينما كان الأخير يردد
أقوالاً منمقة عن الصداقة الحقيقية، يدوّنها هانز في مفكرته ليقرأها ليلاً
قبل أن ينام، فقد كان تلميذاً نجيباً.
وذات ليلةٍ، وبينما كان هانز يجلس قبالة مدفأته، قطع عليه خلوته قرعٌ مدوٍ
على الباب. كانت الريح تعوي بشدةٍ فكان أن ظنّ هانز بأن ذلك الصوت ناتج عن
ضرب الريح بابه، إلا أن تكرار القرع وتصاعد قوته جعله يهبّ من مكانه باتجاه
الباب، ويقول لنفسه: " ربما يكون عابر سبيل أقيه شرّ العاصفة". وعندما فتح
الباب وجد الطحان واقفاً، يحمل في يدٍ فانوس وفي الأخرى عصىً طويلة.


- عزيزي هانز، أدركني. لقد حلّت بي مصيبة. وقع ابني من على السلم، ويجب أن
يعالجه الطبيب.. ولكن الطبيب يسكن بعيداً، والجو قاسٍ جداً، فخطر لي أنه من
الأفضل أن تذهب أنت بدلاً مني. كما تعلم سأعطيك عجلتي، ومن العدل أن تصنع
لي شيئاً في المقابل.
- بالطبع. مجرد حضورك شرفٌ كبير لي، وسأذهب فوراً. ولكن يجب أن تعطيني فانوسك، فالليل حالك السواد وأخشى أن أقع في حفرةٍ ما.
- آسف، ولكنه فانوسي الجديد، وإنها لخسارةٌ كبيرة لي أن يُصيبه ضرر.
- حسناً، لا عليك. سوف أتدبّر أمري من دونه.
ارتدى هانز ملابس ثقيلة، ومضى من فوره. استقبله الغبار والظلام الدامس
والريح، فلم يكد يرى شيئاً أو حتى يقف على قدميه. ولكنه كان مقداماً قوي
العزيمة، فوصل إلى بيت الطبيب بعد ثلاث ساعات من المشي، وقرع بابه.
- من الطارق؟
- هانز أيها الطبيب.
- وماذا تريد يا هانز؟
- وقع ابن الطحان من على السلم، وهو بحاجةٍ إلى علاجك.
- حسناً.
ارتدى الطبيب حذائه، حاملاً فانوسه في يده، ثم امتطى جواده يتبعه هانز على
قدميه. كانت الريح عاتية يصحبها وابلٌ من المطر الغزير، فكان هانز بالكاد
يستطيع اقتفاء أثر الجواد، مما حدا به أخيراً إلى أن يتوه، ويظل يتخبط بين
المستنقعات التي تتفتح أرحامها عن حفرٍ عميقة، غرق المسكين هانز في إحداها.
وفي اليوم التالي وجد بعض الرعاة جثمانه طافٍ فوق بركة ماء، فنقلوه إلى
كوخه.
شيّع الجميع جنازة هانز، فقد كان محبوباً بين الأهالي. أما الطحان فكان
زعيم النائحين. قال للأهالي: "باعتبار أنني كنت صديقه العزيز، أرى أنه من
العدل أن أحتل المكان الأفضل بين المشيعين"، ثم مشى في مقدمة الموكب
بعباءته السوداء، يمسح بين الذكرى والأخرى عينيه بمنديلٍ كبير.
قال الحداد بعد انقضاء الجنازة، وبينما كان الجميع في مقهى يتناولون الكعك
ويرتشفون العصير: " إنها لخسارةٌ عظيمة أن نفقد هانز"، فأجاب الطحان: " في
هذه الحالة تكون خسارتي هي الأعظم. لقد وعدتهُ أن أمنحه عجلتي، والآن لا
أعرف ما الذي سأفعله بها. إنها في منزلي الآن، ولا أخالها تساوي شيئا إن
بعتها. يجب أن أحرص على ألا أوزّع أشيائي مرةً أخرى. إن المرء ليشقى
بكرمه".

وبعد سكتةٍ طويلة قال فأر الماء للتفاحي:
- حسناً؟
- هذه هي النهاية.
- ولكن ماذا حلّ بالطحان؟
- حقيقةً لا أعرف، ولا أريد أن أعرف.
- من الواضح أنك لا تملك أي قدرٍ من التعاطف.
- أخشى ألا تكون قد فهمت المغزى من الحكاية.
- ال..ماذا؟
- المغزى.
- هل تريد أن تقول بأن للحكاية مغزى؟
- بالتأكيد.

فقال الفأر بغضب: " كان يجب أن تخبرني قبل أن تبدأ.
لو أخبرتني لما سمعت حكايتك. كان يجب أن أقول لك (أف) كما يقول الناقد.
ولكنني أستطيع قولها الآن". وهكذا صاح بأعلى صوته: " أففففففف"، وضرب بذيله
سطح الماء ثم عاد أدراجه إلى جحره.
جاءت البطة بعد دقائق تسأل التفاحي:
- وما رأيك بالفأر؟ له الكثير من المنطق المعقول، ولكنني أملك مشاعر الأم،
ولا يمكنني أن أنظر إلى عازبٍ مزمن دون أن أذرف بعض الدموع.
- أخشى أنني قد ضايقته. في الحقيقة، لقد قصصتُ عليه حكايةً ذات مغزى.
- يا إلهي، ما أخطر أن تقصّ حكايةً ذات مغزى!
قالتها البطة، وأقولها أنا موافقاً



-----------------------------



وفــاة مــوظــف-انطون تشيكوف




ذات مساء رائع كان ايفان ديمتريفيتش تشرفياكوف ، الموظف الذي لا يقل روعة،
جالساً في الصف الثاني من مقاعد الصالة ، يتطلع في المنظار إلي ( أجراس
كورنيفيل ). وراح يتطلع وهو يشعر بنفسه في قمة المتعة ، وفجأة... وكثيرا ما
تقابلنا (وفجأة) هذه في القصص. والكُتّاب علي حق ، فما أحفل الحياة
بالمفاجآت ! وفجأة تقلص وجهه ، وزاغ بصره ، واحتبست أنفاسه... وحول عينيه
عن المنظار وانحني و... آتششش!!! عطس كما ترون ، والعطس ليس محظورا علي أحد
في أي مكان ، إذ يعطس الفلاحون ، ورجال الشرطة ، بل وحتي أحيانا
المستشارون السريون . الجميع يعطس ، ولم يشعر تشرفياكوف بأي حرج ، ومسح
أنفه بمنديله ، وكشخص مهذب نظر حوله ليري ما إذا كان قد ازعج أحدا بعطسه ،
وعلي الفور أحس بالحرج . فقد رأي العجوز الجالس أمامه في الصف الأول يمسح
صلعته ورقبته بقفازه بعناية ويدمدم بشيء ما . وعرف تشرفياكوف في شخص العجوز
الجنرال بريزجالوف الذي يعمل في مصلحة السكك الحديدية .
وقال تشرفياكوف لنفسه : - لقد بللته... انه ليس رئيسي ، بل غريب ، ومع ذلك فشيء محرج ينبغي أن اعتذر .
وتنحنح تشرفياكوف ومال بجسده إلي الامام وهمس في اذن الجنرال :

- عفوا يا صاحب السعادة ، لقد بللتكم.. لم أقصد .
- لا شيء ، لا شيء .
- أستحلفكم بالله العفو . انني.... لم أكن اريد !
- أووه، اسكت من فضلك ! دعني أصغي !

وأحْرَج تشرفياكوف فابتسم ببلاهة ، وراح ينظر إلي المسرح . كان ينظر ولكنه
لم يعد يحس بالمتعة ، لقد بدأ القلق يعذبه ، وأثناء الاستراحة اقترب من
بريزجالوف وتمشي قليلا بجواره ، وبعد أن تغلب علي وجله دمدم :

- لقد بللتكم يا صاحب السعادة.. اعذروني.. انني لم أكن اقصد أن...
فقال الجنرال:

- أوووه كفاااك ! أنا قد نسيت وأنت مازلت تتحدث عن نفس الامر ! .
وحرّك شفته السفلي بنفاد صبر .

وقال تشرفياكوف لنفسه وهو يتطلع إلي الجنرال بشك :

( يقول نسيت بينما الخبث يطل من عينيه... ولا يريد أن يتحدث... ينبغي أن
أوضح له انني لم أكن أرغب علي الاطلاق... وأن هذا قانون الطبيعة ، وإلاّ ظن
أنني أردت أن أبصق عليه ، فإذا لم يظن الآن فسيظن فيما بعد ! ) .

وعندما عاد تشرفياكوف إلي المنزل روي لزوجته ما بدر عنه من سوء تصرف .
وخُيِّل إليه أن زوجته نظرت الي الأمر باستخفاف ، فقد جزعت فقط ، ولكنها
اطمأنت عندما علمت أن بريزجالوف ( غريب ) .

- ومع ذلك اذهب إليه واعتذر... وإلاّ ظن أنك لا تعرف كيف تتصرف في المجتمعات ! .
- تلك هي المسألة ! لقد اعتذرت له ، ولكنه... كان غريبا... لم يقل كلمة مفهومة واحدة... ثم إنه لم يكن هناك متسع للحديث .

وفي اليوم التالي ارتدي تشرفياكوف حُلّة جديدة ، وقص شعره ، وذهب إلي
بريزجالوف لتوضيح الأمر... وعندما دخل غرفة استقبال الجنرال رأي هناك
كثيراً من الزوار ورأي بينهم الجنرال نفسه الذي بدأ يستقبل الزوار ، وبعد
أن سأل عدة أشخاص رفع عينيه إلي تشرفياكوف . فراح الموظف يشرح له :

- بالأمس في ) اركاديا ) لو تذكرون يا صاحب السعادة عطست و... بلّلتكم من غير قصد.. اعتذر..

- يا للتفاهات.. الله يعلم ما هذا ! .
وتوجه الجنرال إلي الزائر التالي :

- ماذا تريد ؟ .
وفكر تشرفياكوف ووجهه يشحب: ( لا يريد أن يتحدث ... إذن فهو غاضب.. كلا ، لا يُمكن أن ادع الأمر هكذا.. سوف اشرح له...) .
وبعد أن أنهي الجنرال حديثه مع آخر زائر واتجه إلي الغرفة الداخلية ، خطا تشرفياكوف خلفه ودمدم :

- يا صاحب السعادة ! إذا كنت أتجاسر علي ازعاج سعادتكم فإنما من واقع الإحساس بالندم !. لم أكن أقصد ، كما تعلمون سعادتكم ! .
فقال الجنرال وهو يختفي خلف الباب :

- إنك تسخر يا سيدي الكريم ! .

وفكر تشرفياكوف : ( أية سُخرية يمكن أن تكون ؟ ... ليس هنا أية سخرية علي
الاطلاق ! جنرال ومع ذلك لا يستطيع أن يفهم ! ... إذا كان الأمر كذلك فلن
اعتذر بعد لهذا المتغطرس. ليذهب الي الشيطان ! ...سأكتب له رسالة ، ولكن لن
آتي اليه... أقسم لن أتي ) ! .
هكذا فكر تشرفياكوف وهو عائد إلي المنزل . ولكنه لم يكتب للجنرال رسالة .
فقد فكر وفكر ولم يستطع أن يدبّج الرسالة . واضطر في اليوم التالي إلي
الذهاب بنفسه لشرح الأمر . ودمدم عندما رفع إليه الجنرال عينين متسائلتين :
- جئت بالأمس فأزعجتكم يا صاحب السعادة ، لا لكي
أسخر منكم كما تفضلتم سعادتكم فقلتم. بل كنت اعتذر لأني عطست فبللتكم...
ولكنه لم يدر بخاطري أبدا أن أسخر وهل أجسر علي السخرية؟ فلو رحنا نسخر ،
فلن يكون هناك احترام للشخصيات إذن..

وفجأة زار الجنرال وقد ارتعد وأرعد :

- أخرج من هنااا !! .

فسأل تشرفياكوف هامسا وهو يذوب رعبا :

- ماذا ؟ .
فردد الجنرال ودق بقدمه :
- أخرج من هنااا !! .

وتمزّق شيءٌ ما في بطن تشرفياكوف . وتراجع إلي الباب وهو لا يري ولا يسمع
شيئا ، وخرج إلي الشارع وهو يجرجر ساقيه.. وعندما وصل آليا الي المنزل
استلقي علي الكنبة دون أن يخلع حُلته... ومات.

-------------------------------------


الامير السعيد -اوسكار وايلد



عالياً في المدينة انتصب تمثال "الأمير السعيد" ،
وكان كله مطلي بأوراق سميكة من الذهب الخالص ، وله في موضع عينيه ياقوتتان
زرقاويتان ، وياقوتة حمراء لامعة على نصاب سيفه .لقد كان محبوبا من قبل
الجميع ، فلمّح واحداً من مستشاري المدينة الذي طالما تمنى أن يجني ثروة من
ذوقه الفني الرفيع : " إنه جميل كدوارة الرياح ، ولكنه ليس نافعا " لئلا
يعتقد الناس بأنه شخص غير عملي ، وهو في الحقيقة غير ذلك .
وسألت أم ابنها الذي طلب " بيض الأنوق" : " لماذا لا تكون مثل" الأمير
السعيد" ، إنه لم يحلم أبدا بأن يطلب المستحيل." وتمتم رجل بائس بينما كان
يحدق في التمثال الرائع : " إنني مسرور أن أرى في هذا العالم من هو
سعيد."وقال أطفال المدرسة الخيرية بينما خرجوا من الكنيسة الكاتدرائية في
أبهى حللهم متشحين بأردية بيضاء : " إنه يبدو كملاك." فقال معلم الرياضيات :
" وكيف عرفتم ، وأنتم لم تروا واحدا في حياتكم؟" ، فرد الأطفال : " عجباُ!
لقد رأيناه في أحلامنا." ، فقطب المعلم جبينه ، وبدا ساخط جدا ؛ لأنه لا
يستحسن أن الأطفال يحلمون .

وفي إحدى الليالي طار فوق المدينة "سنونو" صغير كان أصدقاءه قد ذهبوا إلى
مصر قبل ستة أسابيع ، ولكنه تخلف ورائهم ؛ لأنه كان يحب اليراعة الأكثر
جمالاً ، ولقد التقى بها في بدايات الربيع ، بينما كان يحلق بقرب النهر،
ولقد أعجب بخصرها الرشيق ، مما جعله يتوقف للتحدث معها . فسأل السنونو ،
والذي أراد أن يكون مباشراً في حواره : " هل لي ان أ حبك؟"، فوافقت اليراعة
، ثم طار حولها ملامسا الماء بجناحيه صانعا حلقات فضية . لقد كانت تلك هي
مدة المراودة ، والتي استمرت طوال الصيف. وصاحت طيور السنونو الأخرى : "
إنها علاقة سخيفة ، وكما أنها لا تملك المال ، وعلاقات كثيرة غير مجدية ،
وأن النهر كان نوعا ما مليئاً باليراعات . وعندما جاء الخريف ، طار أصدقاؤه
بعيدا . وبعدما ذهب رفاقه شعر بالوحدة تدب في حياته ، وبدأ يضجر من
حبيبته. قال السنونو : " إنها لا تتحدث ، وإنني خائف من كونها يراعة لعوب ؛
لأنها دائما ما تتمايل مع النسيم ، ومؤكدا أنها كلما هب تقدم له أجمل
ترحيب . إنني أعترف بأنها أليفة ، وتابع قائلا : " ولكنني أحب السفر ،
وزوجتي يجب أن تحبه أيضا." ،

وأخيرا قال لها : " إنك سوف تأتين معي ." ، ولكن اليراعة هزت رأسها وأبت أن
تترك موطنها. فصاح السنونو : " لقد كنتِ تسخرين مني ، إنني ذاهب إلى
الأهرامات ، وداعا." فرفرف بجناحيه محلقا بعيدا. طار كل النهار ، وفي الليل
وصل إلى المدينة ، فقال السنونو محدثا نفسه : " أين سأقيم ؟ آمل أن
المدينة قد استعدت لقدومي." وبعد ذلك رأى التمثال على عمود طويل ، فصاح: "
سأقيم هنا ، إنه موقع جميل يتميز بوفرة الهواء النقي"، فحط بين قدمي
"الأمير السعيد". قال لنفسه بينما كان ينظر حوله ، ويستعد للنوم: " لدي
فراش من ذهب"، وفي اللحظة نفسها التي وضع رأسه تحت جناحه ، سقطت عليه قطرة
ماء كبيرة. فصاح السنونو: " يا للعجب! لا توجد أي سحابة في السماء ،
فالنجوم كما أراها واضحة براقة،ولكنها تمطر . إن الطقس في شمال أوروبا
مخيف. فاليراعة جبلت على حب المطر، وذلك ليس إلا جزءا من أنانيتها"، وبعد
ذلك سقطت قطرة أخرى . فقال: " ما الفائدة من تمثال كهذا إذا كان لا يستطيع
رد المطر! يجب أن أبحث عن مدخنة تؤويني ، ثم عزم أن يطير. ولكنه قبل أن
ينشر جناحيه ، سقطت قطرة ثالثة ،وعندما نظر للأعلى، ياللهول! ماذا رأى؟

إن الأمير السعيد قد امتلأت عيناه بالدموع التي جرت على وجنتيه الذهبيتين ،
وقد بدا وجهه في غاية الحسن في ضوء القمر ، وحتى أن السنونو شعر بالأسى
يتملكه. قال السنونو: " من أنت؟" - " أنا الأمير السعيد." فسأل السنونو :"
لماذا تنوح ؟ لقد بللت ريشي قليلا." فأجاب التمثال: " عندما كنت حيا ، وكان
قلبي كقلوب البشر ، لم أدرِ ما الدموع ؛ لأنني عشت في قصر اللا هموم ، حيث
لا يسمح للحزن بالدخول . ففي فترة النهار ، لعبت مع أصدقائي في الحديقة ،
وفي الليل توليت الرقص في القاعة العظمى . وحول الحديقة امتد سور شامخ ؛
ولكنني لم أسأل عما كان وراءه ، فكل شيء عندي جميل . إن حاشيتي لقبوني
بالأمير السعيد ، فكنت مسرورا جدا ، إن كان السرور هو السعادة .
هكذا عشت ، وهكذا مت . والآن ، وإنني ميت * وضعوني مرتفعا جدا ؛ لأتمكن من
رؤية كل القبح ، وكل التعاسة في مدينتي . وإن كان قلبي مصنوع من الرصاص ،
لكنني لا أملك سوى النحيب." قال السنونو لنفسه: " ماذا ، إنه ليس ذهبا
خالصا"، لقد كان خلوقا ولم يشأ أن يبدي أي انتقادات بصوت مسموع.

وتابع التمثال في صوت موسيقي هادىء: " بعيد جدا ، بعيد جدا ، في شارع صغير
هناك منزل فقير ، وإحدى نوافذه مفتوحة ، ومن خلالها أرى امرأة جالسة على
طاولة ، ووجهها نحيل ، ومنهك ، ويديها حمراء خشنة قد وخزتها الإبرة ، لأنها
خياطة . إنها تطرز زهور " شرق الفلك" على فستان من الساتان لأجمل وصيفات
الملكة ؛ لتلبسه في حفلة القصر الراقصة . وفي سرير على زاوية الغرفة طفلها
الصغير مريض ، يشكو من الحمى فيسأل عن البرتقال . وأمه ليس لديها ما تعطيه
إياه سوى ماء النهر؛ لذا هو يبكي . أيها السنونو ، أيها السنونو الصغير ،
ألا تحضر لها الياقوتة الحمراء من نصاب سيفي ؟ فإن قدمي راسختان في هذه
القاعدة ، ولا أستطيع الحراك." قال السنونو: " إنني منتظر في مصر ،
وأصدقائي يرفرفون طربا عند النيل ، ويتحدثون مع زهرات اللوتس الكبيرة ،
وقريبا سيذهبون للنوم على قبر الملك العظيم . فهو بنفسه ينام في تابوته
المزخرف ، وإنه مطوي في كتان أصفر، ومحنط بالتوابل ، وحول عنقه سلسلة من
حجر اليشم الفاتح ، ويداه كأوراق ذابلة." قال الأمير:"أيها السنونو
الصغير،هل تبقى معي ليلة واحدة وتكون رسولي ؟ فإن الصبي ظمآن جدا

أجاب السنونو:" لا أعتقد بأنني أحب الصبية؛ فبينما كنت مقيما قرب النهر في
الصيف الماضي، اقترب مني فتيان وقحان ، وهما ابنا الطحان، فأخذا يرميان
الحجارة عليّ. لم يتمكنا من إصابتي ؛ لما عرف عنا ، نحن طيور السنونو،
بسرعة الطيران، إلى جانب أني أنحدر من سلالة عُرفت بخفة الحركة ، ورغم ذلك
فإن سلوكهما دال على عدم الاحترام" . فبدا على الأمير الحزن لرفض السنونو.
فأضاف قائلا : " إن الجو هنا بارد ، ولكنني سأظل معك ليلة واحدة ، وأكون
رسولك ". فشكره "الأمير". لذا نزع الياقوتة الحمراء من نصاب السيف، وطار
بها بعيدا في منقاره. عبر برج الكنيسة الكاتدرالية ، حيث نحتت ملائكة بيضاء
مرمرية. وعبر القصر فسمع إيقاعات موسيقية، فرأى فتاة حسناء في الشرفة
تتحدث إلى زوجها. فقال لها: " كم هي رائعة النجوم، وكم هي رائعة قوة الحب!"
. فأجابته: " أتمنى أن يكون فستاني جاهزا للحفلة . لقد طلبت أن تكون زهور
شرق الفلك مطرزة عليه، ولكن يبدو أن الخياطة لا تنجز عملها كما يجب." وعبر
السنونو النهر ورأى مصابيح معلقة على ساريات السفن ، ثم جاوز أقلية عبرانية
، فرأى الناس يعقدون صفقات فيما بينهم ، ويزنون المال
وجاء أخيرا إلى المنزل البسيط،فنظر بداخله. كان الصبي لا يزال يتقلب في
فراشه من أثر الحمى،ولشدة تعب أمه فقد غطت في سبات عميق،ثم قفز واضعا
الياقوتة على طاولة حيث تعودت أن تضع أدوات الخياطة. فرفرف السنونو
بجناحيهى كمروحةٍ فوق جبين الطفل . فاستفاق الطفل معتقدا بأنه قد استرد
عافيته ، وشعر بالبرد ، فعاد للنوم مرة ثانية. وعندما عاد السنونو إلى
الأمير السعيد أخبره بما فعل، فقال: " إنني أشعر بالدفء رغم برودة الجو"،
فقال له الأمير: " إن ذلك بسبب عملك الصالح" . فبدا السنونو بالتفكير فنام ؛
لأن التفكير دائما ما يشعره بالنعاس. ومع إشراقة اليوم التالي ، ذهب
السنونو إلى النهر ليستحم . فرآه بروفسور مختص بعلم الطيور: " إنها لظاهرة
غير مألوفة أن ترى سنونو في الشتاء." فأعدّ تقريراً عنه للصحيفة المحلية ،
وقد نقلها كل من قرأها ؛ وبسبب كثرة الكلمات الصعبة بها لم يستطيعوا فهمها.
قال السنونو:"سأذهب الليلة إلى مصر". لقد كان متحمسا لهذا الأمر بعدما زار
كل التذكارات العامة،وجلس على برج المعبد. وحيثما ذهب، فإن طيور الدوري
تزقزق ، وتقول لبعضها : "ياله من غريب بارز!" لذا متع نفسه كثيرا.



وعندما ظهر القمر ، طار السنونو عائدا إلى الأمير السعيد ، وصاح به: " هل
لك أي توصيات في مصر؟ إنني أستعد للذهاب." فقال الأمير: " أيها السنونو،
ألن تمكث معي لليلة أخرى؟" فأجاب السنونو:" إنني منتظر في مصر، غدا سيطير
أصدقائي إلى الشلال الثاني ، وإن فرس النهر يضطجع بين أعواد القصباء، وعلى
منزل جرانيت ضخم يجلس الإله " مأمون" . في كل ليلة يراقب النجوم، وعندما
تبرق نجمة الصباح يطلق صرخة فرح، ثم يصمت. وفي الظهيرة، تخرج الأسود إلى
حافة النهر لتشرب. إن لها أعين كزبرجد أخضر، وزئيرها يرعد في الأفق أكثر من
هدير الشلال." قال الأمير: " أيها السنونو ، أيها السنونو الصغير، بعيدا
عبر المدينة أرى شاباً في عليته ، ينحني على طاولة مليئة بالأوراق .
وبجانبه كأس فيه باقة من أزهار البنفسج الذابلة، شعره بني جاف، وشفاهه
حمراء كرمانة، وعيناه واسعة حالمة. إنه يحاول جاهدا أن ينهي مسرحية لمخرج
المسرح، ولكنه يشعر بالبرد، ولا يمكنه الإنتهاء منها، ولا توجد نارالموقد ،
والجوع جعله شاحبا." قال السنونو صاحب القلب الحنون: " سأنتظر معك لليلة
أخرى" فهمس للأمير: " هل آخذ له ياقوتة حمراء أخرى؟"

قال الأمير: أواه ! ليس لي الآن ياقوتة حمراء،والآن كل ما تبقى لدي هو
عيناي. أنهما مصنوعتان من "سفير" نادر تم جلبه من الهند منذ ألف سنة.إنزع
واحدة منها وخذها للشاب.إنه سوف يبيعها للصائغ، فيشتري حطبا ليتدفأ وينهي
المسرحية." فرفض السنونو فعل ذلك ، وبدأ في البكاء. فقال الأمير : إفعل
أيها السنونو كما آمرك ثم اجتذب السنونو عين الأمير الأخرى وطار بها إلى
شرفة الطالب. لقد كان من السهل الوصول إليها؛ لوجود ثقب في السقف. فمر
سريعا، وكان الشاب قد وضع يديه على رأسه؛ لذا لم يسمع رفرفة جناحي الطائر،
وعندما رفع بصره وجد السفير يتلألأ على أزهار البنفسج الذابلة. فصاح الشاب
وقد غمرته السعادة: " لقد بدأ شأني يعلو! إن هذه من معجب رائع، يمكنني الآن
إنهاء المسرحية . وفي اليوم التالي طار السنونو إلى المرفأ. جلس على سارية
مركب كبير، ورأى التجار يجرون صناديق كبيرة بحبال من عنبر السفينة،
ويرددون بأعلى صوتهم عند خروج كل صندوق:" هيا ارفعوا الشراع صاح السنونو :
إنني ذاهب إلى مصر" ، ولكن لم يعارضه أحد بالطبع! وعندما ظهر القمر طار
السنونو عائدا إلى الأمير السعيد، فصاح: " لقد جئت لأودعك."

قال الأمير:" أيها السنونو، أيها السنونو الصغير هلا تقيم معي ليلة أخرى؟"
فأجاب :" إنه الشتاء ، وسيتساقط الثلج هنا عما قريب. إن الشمس في مصر ترسل
أشعتها الدافئة على النخل الأخضر، والتماسيح تنام في الوحل، وتنظر بخمول
نحو النخل، ورفاقي يبنون عشا في معبد "بعلبك"، والحمام الأبيض والوردي ينظر
إليهم، ويهدل لبعضه. ياعزيزي الأمير، ينبغي أن أرحل عنك، ولكني لن أنساك ،
فسآتي لزيارتك في الربيع المقبل، وأحضر لك ياقوتتان جميلتان عوضا عن تلك
التي أنفقتها على الفقراء، وستكون الياقوتة أكثر حمرة من وردة حمراء،
وسيكون السفير كالبحر العظيم في زرقته." قال الأمير: " في الساحة تحت، توجد
فتاة صغيرة تبيع الكبريت، لقد أتلف الماء أعواد الثقاب، فهي تبكي؛ لأن
والدها سيوسعها ضربا إن لم تحضر شيئا من النقود. إنها لا تملك حذاء ، ولا
جوارب ، ورأسها الصغير لا يغطيه شيء . انزع عيني المتبقية، وأعطها إياها؛
وبذا فإن والدها لن يضربها." فقال السنونو:" سأبقى معك لليلة أخرى، ولكن لن
أنزع عينك؛ ستكون أعمى حينها." قال الأمير:" أيها السنونو الصغير ، افعل
بما أمرتك به."

فجذب عين الأمير المتبقية،ثم اندفع لأسفل الساحة كالسهم،وباغت فتاة
الكبريت،وألقى بالجوهرة في راحة يدها،فصاحت الفتاة الصغيرة فرحة:ما أروعها
من قطعة زجاج! فأسرعت بخطاها نحو المنزل ضاحكة سعيدة.وعاد السنونو بعد ذلك
للأمير وقال:إنك وقد أصبحت الآن أعمى؛ سأضل بقربك للأبد فقال الأمير
المسكين:لا أيها السنونو الصغير يجب أن تذهب في الحال إلى مصر.فرد السنونو
بأنه سيظل بقربه للأبد،ثم نام على أقدام الأمير.قضى السنونو نهار اليوم
التالي جالسا على كتف الأمير،وأخبره قصصا عما رآه في الأراضي الغريب،لقد
أخبره عن طيور أبو منجل الحمراء،والتي اصطفت على ضفة النهر، وتصطاد الأسماك
الذهبية.حدثه عن تمثال أبو الهول القديم كقدم الأرض نفسها،والذي يعيش في
الصحراء،ولديه معرفة بكل ما حوله،عن التجار الذين يمشون ببطء بجانب جمالهم،
ويحملون في أيديهم خرزات العنبر،عن ملك جبال القمر،والأسود كسواد خشب
الأبنوس،ويعبد بلورة كبيرة،عن الثعبان الأخضر الضخم الذي ينام في النخلة،
ولها عشرين قديسا ليطعموها بأطيب أصناف الطعام،عن الأقزام الذين عبروا على
أوراق ضخمة مسطحة بحيرة كبيرة.

قال الأمير: " عزيزي السنونو، لقد أخبرتني عن أشياء رائعة، ولكن الأعظم من
أي شيء آخر هو معاناة الرجال والنساء،حيث لا يوجد ماهو أغمض من التعاسة.حلق
فوق مدينتي،واخبرني بما تبصره عيناك." فطار السنونو محلقا فوق المدينة
الهائلة،فرأى الأغنياء يمرحون في منازلهم الجميلة، بينما ظل المتسولون
جالسين عند بوابات منازل الأغنياء، وطار إلى الأزقة المظلمة،فرأى الأطفال
الأبرياء الجوعى يحدقون بفتور نحو الشوارع حالكة الظلام.وتحت ممر الجسر
الرئيسي، يستند طفلان كل منهما على الآخر ليبقوا الدفء يسري في أجسادهم،
ويقولون لبعضهم: " كم نشعر بالجوع!"، فنهرهم المراقب، طالبا منهم عدم النوم
في الجسر، فأخذوا يطوفون تحت المطر الغزير. وبعد ذلك طار السنونو، مرة
أخرى، إلى الأمير، وأخبره بما قد رآه. فقال الأمير:" انزع الورق الذهبي
الذي يغطيني، ورقة تلو الأخرى، وأعطها للفقراء. إن الأحياء دائما ما
يعتقدون بأن المال يجعلهم سعداء" فانتزع السنونو ورقة بعد ورقة من الذهب
الخالص ، إلى أن أصبح الأمير السعيد باهت اللون. واستعادت وجوه الأطفال
نضارتها، وحيويتهافلعبوا، وابتهجوا، ولعبوا كل لعبة قد عرفوها، وقالو: "
إننا الآن نملك خبزاً !" وبعد ذلك سقط الثلج، وبعده حل الصقيع؛ فكانت
الشوارع لامعة، وبراقة، وكأنها صنعت من فضة، وقطع جليدية كسيوف بلورية
تتدلى من إفريز المنازل. ويتجول الجميع والفراء تغطي أجسادهم، وارتدى
الأطفال قبعات قرمزية، وقاموا بالتزلج على الجليد. وشعر السنونو المسكين
بالبرد يزداد، لكنه لم يكن ليرحل عن الأمير؛ لقد أحبه كثيرا. وعندما يكون
الخباز منشغلاً، كان يلتقط كسرة خبز ، مرفرفا بجناحيه ليبقي نفسه دافئاً.
وفي النهاية عرف أنه سوف يموت. كان يملك القوة التي تساعده على الطيران إلى
كتف الأمير لمرة واحدة. فتمتم: " إلى اللقاء أيها الأمير العزيز، هل تدعني
أقبل يديك؟" قال الأمير: " إنني مسرور بأنك ستذهب أخيرا إلى مصر، لقد مكثت
هنا طويلاً؛ لذا سأدعك تقبل شفاهي لأنني أحبك جداً." قال السنونو: " إن
مصراً ليست هي وجهتي، إنني ذاهب إلى منزل الردى. إن الموت أخ للنوم، أوليس
كذلك؟" فقبل شفاه الأمير السعيد، ثم سقط ميتاً عند قدم الأمير. وفي تلك
اللحظة سمع صوت فرقعة من داخل التمثال هزت المكان، وكأن شيء ما قد تحطم.

وفي الحقيقة، انفلق القلب الرصاصي إلى قطعتين، ولقد كان بالتأكيد صقيع
قاسي.وفي صباح اليوم التالي كان المحافظ برفقة مستشاري المدينة في الساحة.
وبينما عبروا الزاوية التي ينتصب فيها الأمير، نظر المحافظ إلى التمثال،
وقال: " كم يبدو رثا الأمير السعيد!" فصاح مستشاري المدينة، والذين يتفقون
معه دائما: " إنه رث جدا"، ثم ذهبوا لينظروا إليه عن قرب. قال المحافظ: "
إن الياقوتة الحمراء سقطت من على سيفه، وعينيه اختفتا لا أثر لهما، ولم يعد
ذهبيا، إنه في الحقيقة أفضل بقليل من متسول" ، فردد المستشارون: " أفضل
بقليل من متسول." قال المحافظ: " وطير ميت عند قدميه! يجب أن نصدر قرارا
بأن لا يسمح للطيور أن تموت هنا" ، فسجل موظف المدينة ملاحظة بالمقترح.
فحطموا تمثالَ الأمير السعيد. قال بروفسور الفن في الجامعة: " لأنه أصبح
غير جميل، أصبح غير نافع أيضاً."

وقاموا بعد ذلك بصهر التمثال في فرن حرارته متقدة، وعقد المحافظ اجتماعا
بحضور المجلس البلدي للنظر في ما يمكن فعله بالحديد. وقال: " بالطبع لا بد
من وضع تمثال آخر، وسيكون تمثالا يجسدني" وقال كل منهم: " تمثال لنفسي" ،
ثم بدأوا في الشجار. وعندما سمعت عنهم آخر مرة لا زالوا يتشاجرون. وقال
مشرف العمال في المسبك: " عجبا لأمر هذا القلب الرصاصي المحطم لن تصهره
حرارة الفرن العالية! يجب أن نرميه بعيدا." ثم رموه على كومة قذارة حيث
السنونو الميت يرقد.

قال الإله لأحد ملائكته: " احضر لي أثمن شيئين في المدينة." فأحضر له القلب
الرصاصي، والسنونو الميت، فقال الإله: " لقد وفقت في الاختيار؛ لأنه في
جنتي سيغني هذا الطير الصغير للأبد، وفي مدينتي الذهبية سيمدحني الأمير
السعيد."
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ashab-4ever.7olm.org
 
قصص عربية - روايات عربية - قصص عربيه
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مُنْتَدَيَآتْ رَوْعَةْ آلإحْسَآسْ ~ :: المنتديات الادبية و الفلسفية :: بيت القصص والروايات - روايات ادبيه - قصص الحب - قصص واقعيه و حقيقية-
انتقل الى: